أكبر مشروع خيري لرعاية مرضى الكلى في السعودية

ستوفر مراكز غسل الكلى بمؤسسة الملك عبدالله العالمية للأعمال الإنسانية، عند اكتمال مراحل تنفيذها، ما إجماليه 600 مليون ريال سنوياً من كلفة العلاج على المرضى المستفيدين الذين يعانون تبعات الفشل الكلوي.

القطاع الصحي في عهد الملك عبدالله

نال القطاع الصحي مرتبة متقدمة ضمن أولوية اهتمامات عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله. ولقد شهد هذا القطاع نمواً متسارعاً مدعوماً بتوجيهاته الشخصية رحمه الله، وكان عام 1428هـ عاماً مميزاً للقطاع الصحي الذي حقق قفزات نوعية غير مسبوقة في تاريخه؛ إذ شمل الدعم مختلف الجوانب، خصوصاً الاهتمام بالكادر الطبي الوطني وكذلك ازدياد عدد المنشآت الطبية، حيث أمر رحمه الله في 1428هـ بإنشاء 1010 مركزاً صحياً نموذجياً في عموم مدن المملكة وقراها، إضافة إلى المراكز المنشأة سابقاً.  كما اُستحدث في العام ذاته برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للبعثات الصحية الذي يستهدف ابتعاث 1000 طبيب وفني في مجالات الطب والعلوم الصحية التطبيقية. كما أتت موافقته الكريمة رحمه الله على اعتماد صرف مكافأة خدمة المرضى بواقع راتب شهرين سنوياً لمن يعمل في خدمة المرضى بشكل مباشر في جميع المرافق الصحية من مستشفيات ومستوصفات ومحاجر صحية.

لقد لامست رعايته الكريمة كافة المجالات والتخصصات الصحية في المملكة العربية السعودية؛ ابتداء بالأبحاث الطبية، ومروراً بخدمات طب الأسرة والمجتمع وطب النساء والولادة وطب الأطفال، إلى التوسع في إنشاء مراكز طب الأورام والقلب والعلوم العصبية. ونالت التخصصات الطبية عنايته من مشاريع التطوير؛ كالتطور النوعي في طب العيون، إلى التخصصات الدقيقة كزراعة الأعضاء وعمليات فصل التوائم، وغيرها من المجالات الطبية التخصصية.

ولقد شكّل التخفيف من معاناة مرضى الفشل الكلوي أولوية صحية وإنسانية في فكر ووجدان المغفور له بإذن الله خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، نظراً للمعاناة المستمرة والتكاليف الطائلة التي يتكبدها مرضى الفشل الكلوي من جراء الحاجة إلى الغسيل المتكرر للبقاء على قيد الحياة.

العناية الملكية الشخصية

رغم أن جميع القطاعات الصحية نالت العناية الكبيرة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله، إلا أن التخفيف من معاناة مرضى الفشل الكلوي حظي برعايته الشخصية الحانية، فقد أمر رحمه الله بإنشاء مراكز للغسل الكلوي تقدم خدماتها المجانية على نفقته الخاصة، نظراً لما يفرضه مرض الفشل الكلوي من حاجة للرعاية المستمرة والدقيقة التي تشكل مشقة نفسية وكلفة مادية على المرضى.

ونظراً لما كان يتمتع به خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله من رحمة وإنسانية جمة، خصوصاً تجاه الفقراء والمحتاجين والمرضى، فقد كان هذا المشروع تحديداً على نفقته الشخصية، وتحت إشرافه المباشر وإشراف أنجاله من بعده أمناء مؤسسة الملك عبدالله العالمية للأعمال الإنسانية. ولقد استمرت المؤسسة في تدشين بقية مراحل المشروع عاماً بعد عام.

الـمشروع

تُبيّن الإحصاءات أن مرضى الفشل الكلوي في المملكة العربية السعودية المعالجين بالتقنية الدموية يسجل ارتفاعاً بأكثر من 7% سنوياً؛ إذ بلغ عدد المرضى بنهاية عام 2012م 13.000 مريض يعالجون بهذه التقنية. وجاءت اللفتة الكريمة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله لتدشين مراكز الغسيل الكلوي عبر مؤسسة الملك عبدالله العالمية للأعمال الإنسانية لتقديم خدمات عالية الجودة وميسرة وسريعة لهؤلاء المرضى على نفقته الخاصة.

دُشن المشروع في يناير 2014م الموافق ربيع أول 1435هـ، ويُنفذ على مراحل تنتهي عام 2021م. وبدأ المشروع في مرحلته الأولى بخدمة 1750 مريضاً ليصل إلى 6000 مريض في مرحلته الأخيرة، لتغطي خدماته أكثر من 45% من مرضى الفشل الكلوي في السعودية، فيما تتوزع الـ 55% المتبقية على منشآت الرعاية الصحية كافة في المملكة (حكومية وخاصة وخيرية).

وتبيّن المؤشرات أن المريض الذي يتحمل كلفة الغسيل الكلوي على نفقته يتكلف ما يقدر بـ 100.000 ريال سنوياً مقابل هذه الخدمة الطبية، وبهذا يكون المشروع قد وفر على المرضى المستفيدين من خدماته، ما مقداره 600 مليون ريال سنوياً.

مراحل المشروع

يتضمن المشروع إنشاء 7 مراكز للغسل الكلوي في عدة مناطق بالمملكة، وقد روعي التقسيم الجغرافي في توزيعها لتغطي خدماتها آلاف مرضى الفشل الكلوي بحسب مناطق انتشار المرض التي أوضحتها الدراسات والإحصاءات.

وتعمل هذه المراكز وفق أعلى المعايير والمواصفات الطبية العالمية مع الالتزام الكامل بتطبيق معايير مكافحة العدوى. وتتولى الشؤون الصحية بوزارة الحرس الوطني الإشراف على جودة الخدمات المقدمة في هذه المراكز.

  • المرحلة الثالثة

    يستمر العمل في إنجاز المرحلة الثالثة للمشروع لافتتاح 3 مراكز أخرى في كلٍ من: المدينة المنورة وحائل ورفحاء (منطقة الحدود الشمالية) ولقد تم تحديد المساحات اللازمة لإقامة المشاريع وبدأ العمل الإنشائي فيها استعداداً لافتتاحها حسب الخطة الزمنية الموضوعة للمشروع.

  • المرحلة الثانية

    اُفتتح في فبراير 2015م ضمن المشروع مركزاً للغسل الكلوي بمكة المكرمة، ليمثل المرحلة الثانية من مراحل التوسع والانتشار في تقديم المشروع خدماته للمرضى في عموم المملكة.

  • المرحلة الأولى

    دُشنت أولى مراحل المشروع يوم 14 ربيع الأول 1435هـ، الموافق 13 يناير 2014م، إذ بدأ تشغيل 3 مراكز للغسل الكلوي (اثنان في مدينة الرياض وواحد في مدينة جدة).

بنية المشروع وخدماته

يتكون كل مركز من المراكز السبعة على عدة وحدات وخدمات يقدمها بنفس المستوى الذي يقدم في بقية المراكز بما يضمن تقديم خدمة طبية موحدة المستوى للمرضى وفق أعلى المعايير العالمية. وتتكون وحدات كل مركز من:

  • منشآت وفق أعلى معايير الجودة العالمية المطلوبة في مراكز الغسيل الكلوي، من حيث المساحة وحيوية الموقع والانسيابية والتجهيزات والتأثيث.
  • أجهزة الغسيل الكلوي: يتكون المشروع من 1000 جهاز غسل كلوي معزز بأحدث تقنيات الغسيل الدموي، تتيح علاجاً متقدماً يساعد في تحسن حالة المرضى من خلال عدد من المزايا السريرية أهمها الغسيل الكلوي الترشيحي (Hemodiafiltration) الخاص بإزالة السموم متوسطة وكبيرة الحجم، إضافة إلى توفير غسل كلوي مستمر إلى أقصى مدى غير مصحوب بأعراض جانبية، فضلاً عن تقليل مشتقات فوسفات الكالسيوم والتحكم في مكافحة فقر الدم وتقليل الالتهابات وإجهاد الأكسدة. ولهذه الأجهزة القدرة على تحقيق درجة عالية من نقاء دم مريض الفشل الكلوي وإظهار النتائج على شاشة الجهاز لقياس كفاءة جلسة الغسيل (KT/V) وكذلك ضغط المريض أثناء الغسيل، ويصاحب ذلك استخدام الفلاتر عالية النفاذية ذات الغشاء المتوافق حيوياً عالي التدفق القادر على طرح بيتا 2ميكروجلوبولين Beta-2 Microglobulin ذي الخصائص المتميزة في ترشيح السموم والمواد الضارة من الدم، ما يؤدي إلى نقاء دموي يقارب عمل الكلية الطبيعية.
  • محطات التناضح العكسي لتنقية المياه ومعالجتها: أنشئ في مراكز الغسيل الكلوي المرتبطة بالمشروع 22 وحدة تنقية مياه قابلة للزيادة، نظراً لضرورة التأكد من وجود مياه عالية النقاء في عمليات التنقية الدموية بصورة أساسية. ويقتضي توفير هذه المياه إنشاء وحدات التناضح العكسي (Reverse Osmosis)، لذلك روعي عند إنشاء المشروع بناء محطات معالجة المياه على أحدث ما توصلت إليه التقنيات العالمية في هذا المجال. ولضمان تطبيق هذه الخاصية، تم التعاقد مع الشركة السويدية الشهيرة (Gambro) الرائدة في مجال محطات معالجة المياه الخاصة بوحدات التنقية الدموية، ويضاف إلى ذلك أن جميع أنابيب توزيع المياه المعالجة مصنوعة من البولي إيثلين (PIX) مصادق عليها ومعتمدة كجهاز طبي. ومن خصائص هذه الأنابيب أنها تتجنب تشكيل بيوفيلم، وتتحمل درجات حرارة عالية تتجاوز 90 درجة مئوية. كما أن مخارج الأنابيب معالجة ومصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ ولدرجات الحرارة المرتفعة. وتعمل محطات معالجة المياه بالتحكم الآلي عن طريق الميكروبروسيسور، وتؤدي جميع وظائفها آلياً، بدءاً من التشغيل والتعقيم الكيميائي والحراري إلى مراقبة تسريب المياه. وتتولى أيضاً عملية التعقيم الحراري أوتوماتيكياً للأغشية المستخدمة (Membrane) في تنقية المياه مع الأنابيب ومع أجهزة الغسيل الكلوي في درجة حرارة تبلغ أكثر من 90 درجة مئوية.
  • صيدلية داخلية، ومختبر وعيادات للفحص وأجهزة أشعة.
  • نظام كهربائي آمن ضماناً لاستمرارية انسياب الطاقة في المراكز، مدعَّم بمولدات كهربائية احتياطية تحسباً لأي ظروف طارئة.
  • محطات الغاز الطبية مدعَّمة بأنظمة احتياطية.
  • أجهزة تكييف مركزية عالية الجودة مزودة بنظام الضغط السالب لمرضى العزل.
  • مستودعات بمواصفات عالية مجهزة بوحدات تبريد لتخزين الأدوية والمستلزمات الطبية ومستلزمات التشغيل.
  • أسطول من السيارات تخدم نقل المرضى والمحتاجين وذوي الاحتياجات الخاصة.
  • وحدات مكتبية للإدارة والخدمات المساندة والتشغيل.
  • وحدات سكنية للعاملين في المراكز، مؤثثة ومجهزة بكافة الخدمات.
  • أنظمة المعلومات: جميع مراكز الغسيل الكلوي بالمشروع مرتبطة بشبكة معلوماتية واحدة بهدف تسهيل الخدمات المقدمة للمراجعين ودعم أداء العاملين في مراكز الغسيل الكلوي. لذا فقد زودت المراكز بأنظمة برمجية وأجهزة حواسيب آلية متطورة شملت:
  1. بناء شبكة معلوماتية حديثة عالية التقنية موحدة في جميع المراكز.
  2. تأمين شبكة لاسلكية في كل مركز.
  3. ربط المراكز ببعضها عبر الإنترنت لتسهيل نقل وتبادل معلومات المرضى بين المراكز، ما يوفر خدمات عالية المستوى في المركز الذي يتعالج فيه المريض عادة أو أي مركز آخر.
  4. بناء وتوفير أنظمة لتسجيل معلومات كاملة عن المرضى وتاريخهم المرضي، بهدف تسهيل نقل وتبادل ملفات المرضى الإلكترونية بين مراكز الغسيل الكلوي تحت إطار آمن.
  5. نظام البطاقات الذكية التي تحتوي معلومات كاملة عن المريض وحالته الصحية والأدوية المستخدمة والإجراءات المخصصة للمريض.
  6. تشمل أنظمة المعلومات أنظمة فرعية تشغيلية لإدارة المراكز (أنظمة إدارة المختبرات الطبية، أنظمة إدارة الأدوية والصيدليات، أنظمة إدارة المخازن الطبية).
  7. تشمل الأنظمة المعلوماتية أنظمة مرتبطة بها من شأنها متابعة وتحليل البيانات لضمان سير عملية التشغيل على أكمل وجه.
  8. نظام إدارة ومراقبة غسل الكلى والمعلومات المتعلقة بالمريض، قبل وأثناء وبعد عملية الغسيل الكلوي.

الخدمات المساندة

إلى جانب مراعاة عملية تشغيل مراكز الغسيل الكلوي لتحقيق خدمات طبية إضافية مثل كفاءة علاج فقر الدم، كفاءة المأخذ الوعائي، كفاءة علاج الغدة جارة الدرقية، كفاءة التغذية، فضلاً عن تطبيق المعايير العالمية في مكافحة العدوى، فإن المراكز تقدم خدمات نوعية أخرى، منها:

3- التعاقدات:

يرتبط مشروع مراكز الغسيل الكلوي بعقود مع كبريات الشركات التي تتسم بالكفاءة والخبرة في تقديم الخدمات المساندة وإمدادات الأدوية والمستلزمات الطبية والصيانة، ووسائل النقل للكادر والمعدات، وخدمات النظافة والتغذية والغسيل وحماية البيئة، وخدمات الاتصالات وتقنية المعلومات، من أجل توفير جميع وسائل الراحة للمرضى وتقديم أعلى مستويات الخدمة الطبية لهم.

2- التعاون الثنائي والأبحاث:

تخطط مؤسسة الملك عبدالله العالمية للأعمال الإنسانية إلى توسيع مظلة التعاون بين مراكز الغسيل الكلوي والمؤسسات النظيرة في المجال العلمي من حيث تبادل المعلومات ونتائج الأبحاث. كما تعمل المؤسسة على إرسال المتخصصين لحضور الفعاليات والمشاركة في المؤتمرات والندوات وورش العمل داخل المملكة وخارجها، وذلك بهدف إكسابهم مزيداً من الخبرات والتجارب المهنية والعلمية، وتطوير الخدمات والرعاية للمرضى في مراكزها.

1- الخدمات الاجتماعية:

تتولى المراكز تقديم خدمات اجتماعية للمرضى عبر أخصائيات وأخصائيين اجتماعيين مهمتهم تقديم الدعم المعنوي للمرضى بالتعاون مع مراكز التأهيل الشامل التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية كجهة معنية. وتتضمن هذه الخدمات تقديم مساعدات متنوعة مثل تأشيرات الخدم، وتخفيضات في قيمة وأجور تركيب الأجهزة التكميلية، إضافة إلى تسجيل المرضى الراغبين في زراعة كلى لدى المركز السعودي لزراعة الأعضاء. وبجانب ذلك، يتعاون قسم الخدمة الاجتماعية مع الجمعيات الخيرية المتاحة بغية الحصول على دعم مادي ومعنوي للحالات المستحقة.