عبدالله بن عبدالعزيز

وُلِد وعاش

الملك عبدالله -رحمه الله- في كَنَفِ والده الملك عبدالعزيز آل سعود ونهل واستفاد من خلال ملازمته لوالده التمرس في مجالات الحكم والسياسة والإدارة والقيادة. وتلقى تعليمه على يد عدد من المعلمين والعلماء واكتسب معارفه من مطالعاته الواسعة في مجالات متعددة من المعرفة والثقافة والحضارة.

عُرف عنه منذ صغره بالالتزام الدينيّ والانضباط الأخلاقيّ وقوة الحضور والتأثير والعقلانية وهي الميزات التي اتسمت بها شخصيته حتى وفاته -رحمه الله-، وقد عاصر في شبابه أهم التطوّرات السياسيّة التي تلت توحيد المملكة العربية السعودية ما أكسبه خبرة عميقة بشؤون الحكم والسياسة والعلاقات الدولية من خلال ملازمته لوالده الملك عبدالعزيز، إضافة إلى تلك التجارب الكبيرة عزّزت شخصيته القيادية ثقافته الواسعة التي اكتسبها من حبه للقراءة إلى جانب حبه للصحراء والفروسية التي أصّلت في نفسه صفاء الروح وأخلاق الفارس النبيل.

وافته المنية إثر مرض عانى منه، في الساعات الأولى من يوم الجمعة، 3 ربيع الثاني 1436هـ الموافق 23 يناير 2015م، بعد مسيرة حافلة بالعطاء تجلّت فيها بصماته الإنسانية، ليترك أثرًا لا يُمحى في وجدان وذاكرة شعبه وكافة شعوب العالم.

شخصيته الإنسانية

بتأثيرها وحضورها ميَّزت الملك عبدالله بن عبدالعزيز، فقد كانت هذه الشخصية العالمية الفارضة حضورها بقوة شخصية حنونة وعطوفة سريعة التأثر بالمواقف الإنسانية كما أن الشعور بالمسؤولية الإنسانية كانت هي الصفة الأبرز في شخصية الملك عبدالله، وقد سُجلت أحداث عدة لم يستطع فيها الملك عبدالله تمالك نفسه أمام الناس أو منع دموعه من أن تنهمر رحمةً وتعاطفاً.

امتزجت صفات الشجاعة ونبل الأخلاق في هذا الملك الاستثنائي بمشاعر الإنسانية الفياضة، ما جعله أحد أهم المبادرين لصناعة السلام في العالم، مدعوماً بصفات شخصية كثيرة تجلت فيه كميله للحوار وتميزه بالاستماع للآخرين والأخذ بمشورتهم، إضافة إلى شفافيته ووضوحه وصراحته وتواضعه وبساطته وروحه المبادرة والكاريزما المؤثرة التي تمتع بها الملك عبدالله وعرفه الناس وأحبوه لها.

ورغم مشاعر المسؤولية التي سيطرت على الملك عبدالله تجاه كل ما هو إنساني، إلا أن مشاعر الأبوة تجاه الأطفال كانت لها خصوصية بارزة في نفسه، فقد رعى بصفة شخصية قرابة 30 عملية أجريت في المملكة لفصل توائم سياميين من بلدان عدة تم استضافتهم برعاية كريمة منه. وكما أن الملك عبدالله بن عبدالعزيز أولى اهتمامه بالمعاقين كافة ومنحهم امتيازات جمة تشريعية وخدمية وتسهيلات عدة، إلا أن الأطفال المعاقين تحديداً شملتهم عناية خاصة وكريمة من لدنه، ويتضح هذا من خلال إنشاء مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز لرعاية الأطفال المعوقين.

وقد وصلت مشاعر الإنسان الأب إلى قلوب كل الأطفال في كل مكان، وهو ما عبر عنه الأطفال العرب بمنحه “وسام الأبوة العربية” نهاية عام 2011م. كما أراد من جانبهم الأطفال المعوقين مبادلته الحب والوفاء بمنحه عام 1430هـ جائزة جمعية الأطفال المعوقين للخدمة الإنسانية تقديراً لريادته ودوره في دعم جمعية الأطفال المعوقين ومساندة برامجها الوطنية.

وقد تجاوزت اللفتات الإنسانية الكريمة من قبل الملك عبدالله تجاه الناس من كل مكان، من تلبية حاجاتهم الملحة إلى تحقيق أمنياتهم الكبيرة، خاصة أولئك المعسرون الذين تمنوا أن يحققوا أمل حياتهم في الحج إلى بيت الله الحرام، فكان رحمه الله يستضيف آلاف الحجاج سنوياً على نفقته الخاصة، أما عن حاجات الناس الضرورية فيكفي أن نستشهد بحصوله على جائزة “البطل العالمي لمكافحة الجوع عام 2008م” من برنامج الغذاء العالمي.

لعل “ملك الإنسانية” هو اللقب الأقرب للملك عبدالله في الذاكرة الجمعية، ليس لشعب المملكة العربية السعودية وحسب، بل شعوب دوّل عدة حول العالم، من خلال استجابته العاجلة لمواجهة الكوارث في بلدان عدة مرت بمحن وكوارث طبيعية. وتمكينه للشباب الكشافة حول العالم ليكونوا رسلاً للسلام وإنهاء الصراعات عبر مشروعه العالمي المتميز “رسل السلام”.

أما عن برنامجه “فاعل خير” الذي لم يكشف عمن يقف خلفه إلا بعد وفاته، فقد نفذته مجموعة البنك الاسلامي للتنمية لتلبية احتياجات كثير من المجتمعات في آسيا وأفريقيا. وقد غيرت مشاريع هذا البرنامج العملاق من حياة كثير من الناس.

وعلى مستوى العالم الإسلامي والدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط كان الملك عبدالله الشخصية الأولى الأكثر تأثيراً طيلة فترة حكمه، فقد تصدر رحمه الله قائمة الشخصيات الأكثر تأثيراً في العالم الإسلامي التي أعدها المركز الملكي الإسلامي للدراسات الاستراتيجية في الأردن تقديراً لجهوده في خدمة المسلمين وقضاياهم وللقبول الذي يحظى به لدى المجتمعات الإسلامية وللأعمال الإنسانية التي يقدمها.

أثره ومآثره

سجلات حافلة بالإنجازات محلياً وإقليمياً وعالميًّا. فعلى الصعيد المحلي، شهدت المملكة العربية السعودية في عهده تسارعاً تنموياً كبيراً في شتى المجالات، وقد اهتم رحمه الله أكثر بمجالات التعليم والصحة والإسكان والطرق والبيئة والمياه والكهرباء والحكومة الإلكترونية والاتصالات والخدمات العامة ومشاريع التنمية الاقتصادية العملاقة. أما على صعيد السياسة الخارجية، فقد تعزز دور المملكة إقليمياً ودولياً مدعوماً بالاحترام الدولي الكبير الذي كان يحظى به الملك عبدالله، وهو ما ساهم في إنجاح مساعيه في إحلال السلام في كثير من البلدان التي شهدت صراعات حادة، أو على الصعيد العالمي في التقريب بين المذاهب والأديان وتوطيد الحوار بينها.

قريبــــاً!

أبقى مطلعاً

قم بالتسجيل بالقائمة البريدية لتبقى على اطلاعٍ دائم بآخر أخبار مؤسسة الملك عبدالله الإنسانية. نحن عادة لا نرسل أكثر من نشرتين بالشهر. وبإمكانك إلغاء الاشتراك بالقائمة البريدية عبر الرابط الموضح بآخر كل رسالةٍ تصلك من طرفنا ولن نقوم بعدها بإرسال المزيد من النشرات. كما أنه لن يتم مشاركة بريدك الإلكتروني مع أي جهة خارجية أو استعماله لغرض آخر.